من التوعية إلى نزع الموت.. “هبة” تكسر الخوف وسط حقول الألغام

لم تكن الشابة هبة كدع (29 عاماً) تتخيل أن تتحول من ناشطة توعوية تحذر من خطر مخلفات الحرب، إلى من ترتدي الدرع الواقي وتخوض واحدة من أخطر المهام: تفكيك الألغام والذخائر غير المنفجرة في المناطق التي شهدت أعنف المعارك.

 

بدأت هبة رحلتها كمتطوعة في حملات توعية استهدفت المدارس والمخيمات ومناطق خطوط التماس، محذّرة من القنابل العنقودية ومخلفات الحرب، خصوصاً بعد أن بدأت تظهر كوارثها على المدنيين العائدين، حيث لم تعد الألغام مجرد خطر محتمل، بل واقع يقتل ويشوّه ويُرعب، لا سيما بين الأطفال.

 

تقول هبة إنها دفعت حياتها نحو هذا الطريق بعد أن رأت أطفالاً سبق أن شاركتهم التوعية، يعودون ضحايا لتلك المخلفات. ومن هنا، قررت أن تكون جزءاً من الحل، لا مجرد ناقلة تحذيرات.

 

خضعت لدورات تدريب مكثفة مع خبراء دوليين وعرب، وتعلمت التعامل مع أكثر أنواع الذخائر خطورة، وشاركت فعلياً في عمليات إزالة الذخائر التي غالباً ما تكون مدفونة في المنازل أو متنكرة في ألعاب وأجهزة منزلية.

 

وترى هبة أن هذا العمل ليس حكراً على الرجال، بل هو واجب جماعي لإعادة الأمن والسلام، مؤكدة أن ما يُحفّزها هو رؤية الخوف يتبدد في عيون الأطفال حين يزول التهديد من حولهم.

 

أما أحمد الجدوع، قائد فريق منظمة “هالو ترست”، فيؤكد أن الحاجة دفعت النساء كالرجال للمشاركة في إزالة هذا “الموت المؤجل”، مشيراً إلى أن فرقهم تمكنت من تدريب عناصرها بمهنية عالية لأن “الخطأ الأول في هذا العمل هو الأخير”.

 

من جانبه، كشف محمد سامي المحمد، مسؤول الذخائر بالدفاع المدني السوري، أن الفترة ما بين 26 نوفمبر 2024 وحتى نهاية مارس 2025، شهدت 69 انفجاراً لمخلفات الحرب أودت بحياة 72 شخصاً، بينهم 17 طفلاً.

 

وأضاف أن ملايين المدنيين يعيشون وسط تهديد يومي من هذه المخلفات، التي أصبحت سلاحاً صامتاً لا يزال يقتل حتى بعد انتهاء الحرب.

 

وبينما تحذر هبة من الاقتراب من أي جسم غريب، تطالب بدعم تقني ولوجستي دولي حقيقي يساعد في تنظيف سوريا من آثار 14 عاماً من الموت المزروع تحت الأرض.

Share This Article